| |

الحرب الإسرائيلية الأمريكية  على ايران و الحروب الاعلاميةالتضليل و التلاعب بالدين و الهوية

فروق. ل . بن زعيم

ألجيريا ووتش 05 جويلية 2025

قيادات المدخلية و الحركة الاخوانية و القوميون العنصريون كروافد محلية للتحركات الامبريالية و  الصهيونية

رغم الاستبداد و رداءة النظام،  وحظر أية حياة سياسية حقيقية، تابع الشعب الجزائري كغيره من شعوب الجنوب التواقة للتحرر من الهيمنة،  الحرب الإسرائيلية الأمريكية  على ايران ،وهي الحرب التي واجهتها الدولة الإيرانية بردة فعل قوية، انتقل منها الرعب من غزة إلى تل أبيب، و الخوف من المدنيين العزل في غزة إلى نفوس  المستوطنين ، و في الحكومة الاسرائيلية التي فرضت عليها اجتماعات سرية في اماكن مجهولة تحت الأرض وتحت صفارات انذار لم تنقطع …

وسائل الإعلام الغربية و العربية على حد سواء، ركزت على الرد الايراني اكثر من الاعتداء الاسرائيلي، وحاولت السردية الدعائية للإعلام الخليجي المتصهين و الغربي بوجه عام، القول ان ايران استهدفت المدنيين و ان ذلك يعتبر مساسا و خرقا لكل الاتفاقيات الدولية الخاصة بالقانون الدولي الإنساني.

هذه  السردية  لم تستطع اقناع حتى  أكبر اعداء ايران و أكثر المتصهينين على وجه الارض خاصة و انها سردية حاولت الدفاع عن جيش اسرائيلي يقصف المدنيين العزل ، و لا يفرق بين طفل و لا رضيع،  و لا بين شاب و شيخ مسن ، و لا بين امرأة و عجوز، جيش يعتدي على البشر و الشجر و الحجر و الحيوان ، و يقتل بمختلف الأسلحة بما فيها سلاح التجويع.

الرأي العام الجزائري، الذي لم يكن يومًا مخدوعًا بخطاب الفصل العنصري ، لأنه يعرف هذا التقليد الاستعماري الذي واجهه، و مع ذلك  كان هدفًا لعملية خداع متقنة، تهدف إلى إخفاء القضايا من خلال خلق خلافات زائفة.

الدعاية المعادية لإيران على شبكات التواصل الاجتماعي…من خديجة بن قنة إلى أنور مالك

أمام الفشل الواضح  للدعاية المؤيدة للصهيونية بشكل مباشر، لجأ حلفاء الإمبريالية العرب إلى نهج مبني على الإرباك والانقسام بهدف كسر التعاطف مع المقاومة الإيرانية. هذه الدعاية انطلقت مع بداية القصف الإسرائيلي على طهران، وهي دعاية شارك فيها رجال الدين و نجوم التلفزيون و القوميون العنصريون و غيرهم من الظواهر الصوتية.

توضح عملية رصد  العناصر المنشورة والموزعة خلال هذه  الفترة على مختلف الشبكات الاجتماعية والإعلامية على وجود درجة حقيقية من التنسيق، وتنظيم حقيقي لعملية واسعة النطاق من التضليل. من خلال المواضيع المتطابقة والعناصر اللغوية المشتركة، تم تنفيذ هذه العملية بالتوازي مع القصف الإسرائيلي والردود الإيرانية.

حيث  يظهر جليا ان عملية تضليل واسعة ترافقت مع القصف الإسرائيلي و الرد الإيراني، و كان الهدف الواضح  تضخيم قوة إسرائيل و تحجيم الرد الايراني، حملة اقل ما يقال عنها أنها كانت منظمة، وتم تضخيمها  بالخوارزميات من شركات التضليل الدولية على شبكات التواصل الاجتماعي وهي صناعة  مربحة من الناحية الاقتصادية و دعاية تضاهي الاغتصاب الجماعي  للجماهير من الناحية السياسية و الايديولوجية على حد قول المفكر سارج تشاخوتين.

المضامين الجزائرية في شبكات التواصل  الاجتماعي كانت داعمة لايران بوجه عام – مع استثناءات لا معنى لها بلغة الاحصاء – من منطلق ان ايران تواجه هيمنة استعمارية و نظام عنصري صهيوني يمارس إرهاب الدولة      و الإبادة الجماعية للمدنيين في غزة.

لكن حملة الجزائريين المعادية أو المشككة لايران أو الداعمة لإسرائيل بشكل مبطن كانت مضخمة بفعل الخوارزميات و الشركات التضليلية المرتبطة بالامارات و السعودية و قطر على وجه الخصوص،  و قد بدأت هذه الحملة   بمنشور كتبته مقدمة اخبار  الجزيرة  خديجة بن قنة المقيمة بقطر منذ عشريات من الزمن،  بصيغة فيها الكثير من التشفي ضد ايران و الولاء لأمريكا ضد روسيا ووعيد مبطن ضد الجزائر، حيث نشرت منشورا على كل شبكات التواصل الاجتماعي مباشرة بعد القصف الإسرائيلي لطهران: « مصير كل من يواجه النووي بالخردة الروسية »... وهو المنشور الذي رد عليه مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي من الجزائريات و الجزائريين بالكثير من  الاستهجان، و التنديد و الانتقاد، و البعض قال لها ربما الحل يكون في العمالة لأمريكا كما تفعل قطر و دول الخليج التي توجد فيها العديد من القواعد العسكرية الأمريكية.

أنور مالك العسكري الجزائري السابق، هو أحد المقربين عائليا و سياسيا في تسعينيات القرن الماضي من أبي جرة سلطاني السيناتور حاليا  المعين في الثلث الرئاسي، و الذي دخل في قطيعة معه  حيث  اتهمه بأنه سهر على تعذيبه بعد اعتقاله.

أنور مالك يواصل  حملة قذرة ضد ايران و الجزائر معا  منذ أكثر من 16 سنة، حيث  يحاول الربط بين ايران و الجزائر و ممارسة ما يسميه الإرهاب ضد المملكة المغربية المطبعة مع إسرائيل، حيث نشر عشرات المنشورات و الفيديوهات على مختلف وسائط التواصل الاجتماعي فيها الكثير من التضليل و المعلومات الكاذبة  على غرار أكذوبة : » معلومات خطيرة عن هروب ضباط الحرس الثوري وعلماء المشروع النووي من طهران الى الجزائر »، كما نشر العديد من الإعلانات حول كتاب يقول أنه كتاب من تأليفه سيصدر له و بلغات مختلفة يحمل عنوان: » البوليساريو و إيران…أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف ».، و العنوان كاف ليوضح الأجندا المخزنية و الإسرائيلية لضرب الجزائر و إيران معا لانهاء كل مقاومة في شمال إفريقيا، بعد تسليم تركيا سوريا للكيان الصهيوني.

المدخلية  و الاخوان و القوميون العنصريون…بين فركوس و جربوعة التميمي

محمد علي فركوس الذي سطع نجمه في تسعينيات القرن الماضي و تم  استخدامه من قبل الأجهزة الأمنية الجزائرية لمحاربة أئمة جبهة الإنقاذ السلفيين خاصة علي بن حاج ، هو أستاذ في كلية أصول الدين بالجزائر العاصمة، وقد  استطاع بفضل الولاء التام للسلطة،  أن يبني شبكة من الأتباع مشكلة من  الطلبة و الأساتذة داخل الجامعة و عشرات الآلاف من المريدين في التراب الجزائري، بدعوته السلفية المدخلية التي تعادي كل معارضة لنظام الحكم في الجزائر، و قد تم استخدامه حتى في تشويه و ضرب الحراك الشعبي الجزائري، ورقة طريق  دعوته هو الدفاع عن المملكة العربية السعودية و أيديولوجيته المدخلية عنوانها  » طاعة الحاكم من طاعة الله ».

فركوس و عبر شبكات التواصل الاجتماعي يمارس الدعاية ضد إيران و ضد ردها على القصف الإسرائيلي       و الأمريكي باستحضار الدين و بالعودة للفتنة الكبرى و للحرب الأهلية الأولى التي عرفها الإسلام، وهو ما يردده و يعيد نشره اتباعه و مريديه مما يعطيه رؤية أكثر على الشبكة، و من بين ما كتب هذا المنشور الذي يستدعي الصراع الطائفي  للقول ان هدف ايران ليس المقاومة لكن تحويل أتباع  السنة إلى شيعة، حيث كتب يقول : » إيران مستعدة أن تطلق  2000 مفرقعة لتكسب المتشعين،  هذه المعادلة يغفل عنها الكثير ».

و بعد إعلان وقف إطلاق النار بين ايران و إسرائيل  يقول ان ايران استسلمت ، حيث كتب فركوس  : « إيران في 12 يوما لإنقاذ نفسها، وجيشها،‏ وقيادتها، وشعبها وكل شيء استسلمت لكن حماس، التي دفعتها إيران،‏ إلى مذبحة 7 أكتوبر، قاتلت،‏ لمدة 21 شهرا، رافضة وقف‏ إطلاق النار، وتسليم الرهائن،‏ من أجل عيون إيران »…

ظاهرة صوتية أخرى تنشر الكثير من الكراهية باسم الدين تارة، و باسم العرق العربي في الكثير من الأحيان، إنه المدعو محمد حربوعة التميمي، الذي استخدمته شبكات قائد الأركان الراحل  أحمد قايد صالح لشن حملة منظمة ضد الحراك الشعبي باسم العرق ومعاداة الأمازيغية و الأمازيغ على غرار محمد الأمين بلغيث و غيرهم.

محمد جربوعة التميمي غادر الجزائر و يعيش في بلد خليجي، وهو يشن حمة ضد إيران منذ سنوات باسم العرق العربي المعادي للفرس، و باسم السنة المعادين للشيعة،  نشر عدة منشورات ضد إيران و لم ينشر منشورا واحدا ضد إسرائيل، من بين ما كتب : »

…فإني أهنئ جميع أهل السنة من العرب، ومن غير العرب، ممن نجوا من هذه الردة الماحقة، وثبتوا على دين أهل السنة والجماعة، ولم يجرفهم تيار التشيع المجوسي الذي جرف كثيرين.

من سلم له دينه، وبقي قلبه سليما على كل الصحابة وعلى امهات المؤمنين ولم يصطف مع عدوهم، فقد فاز، وهذا يوم عيده، وليحذر ما يستقبل من الفتن.. فإننا في آخر الزمان، ولا تدبر فتنة مضلة حتى تقبل أخرى

ومن كان ممن ثبت ولم تقتلعه رياح السموم من دينه وأمته، فليحمد الله، وليرد على التهنئة ».

ما هو تأثير هذه الحملة في الرأي العام الجزائري؟

لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال دون معرفة دعائم هذه الدعاية، و هي دعائم مرتبطة ارتباطا وثيقا بوضع سياسي مفبرك  لا يعكس حقيقة المجتمع الجزائري، و بمنظومة إعلامية لا مصداقية لها عراها الحراك الشعبي و أصبحت تشكل خطرا على الأمن القومي و التماسك الاجتماعي.

 فشبكات الاخوان التي جندت الشباب الجزائري لأفغانستان للحرب ضد الاتحاد السوفياتي سابقا، تمارس  اليوم الولاء الأعمى  لقطر و تركيا في الجزائر ، وهي مشكلة من حركة مجتمع السلم و حركة البناء الوطني و حزب عبد الله جاب الله و من يدور في لكهم ،  وهي و اتباعها كلهم  لسقوط دمشق في ديسمبر الماضي، حيث تقوفوا  و عند جرائم الأسد الأب و الابن ضد أتباع الاخوان، حيث  اشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي أشهر ديسمبر، و جانفي و فيفري من أتباعهم للحديث عن تحرير سوريا مضخمين روايات قنوات « الجزيرة » و « العربية » و « العربي » وغيرها من القنوات الخليجية ، رغم أن الجيش السوري تم تدميره 72 ساعة بعد سقوط دمشق من قبل الجيش الإسرائيلي الذي  احتل جبل الشيخ مباشرة بعد ذلك.

في حين  أن شبكات المدخلية الموالية للسعودية،  فعلت الأمر نفسه لكن بمبررات أخرى كالقول بتحرير سوريا و وعودة الأمويين لتسييرها، وهي مبررات إمارات الخليج التي مولت تدمير سوريا من 2011إلى 2025.

هذه الحملات التضليلية تفطن لها الرأي العام الجزائري بعد سكوت شبكات الاخوان على  قصف طهران، و تقليل المداخلة من رد ايران و قولهم دون خجل أن الظلم الإسرائيلي لا يختلف عن الظلم الإيراني، حيث نشروا .على نطاق واسع دعاء: « اللهم اضرب الظالمين بالظالمين و اخرجنا من بينهم سالمين ».

وهي كلها مؤشرات تبين أن هذا الوضع السياسي المفخخ و المشهد الإعلامي الذي أبعد الرأي العام الجزائري عن إعلام بلده أصبح يهدد البلد لأنه أصبح حليفا طبيعيا لقوى الهيمنة و التضليل العالمي لتوسيع الهيمنة و تفكيك المجتمعات، و ما يبين أن مواجهة هذا التضليل لا يمكن أن يتم  إلا بطبقة سياسية مستقلة عن الدول العربية الوظيفية وعن الأيديولوجيات الاسلاماوية المتحالفة مع الامبريالية.

تؤكد الحرب الجارية في غرب أسيا على ضرورة  مستعجلة لبناء منظومة إعلامية محترفة ذات مصداقية لتحصين الرأي العام الجزائري من كل حملات التضليل التي توجد داخل الجزائر بفعل هذا الوضع السياسي .لمغلق الذي صادر الاستقلال و أضعف قيم ثورة نوفمبر الرافضة للهيمنة و الاستعمار